"ب وجـ" ثنائية التأليف وتعدد التأليف:
وقد آثرنا أن نجمع هذين الافتراضين معًا لتداخلهما وتشابكهما وصعوبة الفصل بينهما كما سيبدو بعد قليل. لقد ذكرنا آنفًا أنه كانت ثمة نظريتان عن القصيدتين الهومريتين، ولكن إحداهما كانت قد اندثرت في الواقع، فسادت النظرية التقليدية بلا منازع خلال العصور حتى القرن الثامن عشر الميلادي، حينما قام فردريك أوغست ولف F.صلى الله عليه وسلم. Wolf في ألمانيا ودرس القصيدتين دراسة نقدية دقيقة، وأخرج سنة 1795 كتابه "المقدمة prolegomena"1 عرض فيه نظريته الشهيرة2. وبالرغم من منزلة ولف في عالم الدراسات القديمة الكلاسيكية، وبالرغم من شهرة نظريته وذيوع صيتها، فقد ذهب العلماء في فهمها ودرسها مذاهب مختلفة، بل إن تلامذة ولف حين أخذوا يوسعون نظريته ويفصلون ما أجمل، اختلفوا فيما بينهم وسلكوا طريقين متباينين بل طرائق متعددة. فالدكتور ر. س. جب يورد لنا الأسس التي حاكم عيها ولف القصيدتين، ثم يصف لنا هذه النظرية بقوله3: "ومع ذلك فقد كان ولف أبعد ما يكون عن إنكار وجود شخص هومر، فهو يفرض أن شاعرًا ذا موهبة ممتازة، ويسميه في أكثر الأحيان هومر، "بدأ نسج القماش واستمر فيه إلى أمد معلوم"، بل ذهب إلى أكثر من ذلك حينما قال: "نسج هومر القسم الأكبر" من الأغاني التي جمعت بعد في الإلياذة والأوديسة. هذا ما قاله ولف في كتابه المقدمة بل لقد قال هذا القول في صورة أوكد في مقدمة طبعته للإلياذة التي طبعت في نحو الوقت نفسه. قال: "لا ريب