أنى أتيح لها حُرَبْاِء تنضية ُ ... َلْاِ يرسل الساق إلا ممسكًا ساقًا
وسأل معاوية شيخًا من بقايا العرب1: أي العرب رأيته أضخم شأنًا؟ قال: حصن بن حذيفة -قائد ذبيان يوم شعب جبلة- رأيته متوكئًا على قوسه يقسم في الحليفين: أسد وغطفان.
وذكر عند معاوية، في أحد مجالسه، ملوك العرب، فلما ذكرت الزباء وابنة عفزر قال معاوية2: إني لأحب أن أسمع حديث ماوية وحاتم. فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بلى فقال: إن ماوية بنت عفزر كانت ملكة وكانت تتزوج من أرادت ... إلى آخر القصة.
وبعث زياد بن أبيه بولده إلى معاوية3، فكاشفه عن فنون من العلم فوجده عالمًا بكل ما سأله عنه، ثم استنشده الشعر، فقال: لم أروِ منه شيئًا! فكتب معاوية إلى زياد: ما منعك أن ترويه الشعر؟ فوالله إن كان العاق ليرويه فيبر، وإن كان البخيل ليرويه فيسخو، وإن كان الجبان ليرويه فيقاتل.
ولم تكن هذه المجالس، التي تُذكر فيها أخبار الجاهلية ويُروى فيها شعر شعرائها، مقصورة على معاوية وعبد الملك وخلفاء بني أمية وبني مروان، بل كان الأشراف والسادة والولاة يعقدون مثل هذه المجالس. فقد كان سعيد بن العاص على المدينة، فبينا هو يُعشي الناس4، وهم يخرجون أولًا