والرواية؛ فقد كان يرسل إلى الحارث بن خالد بن العاصي -الشاعر الغزل المشهور- أخاه معاذ بن العلاء ومعه كتاب فيه مسائل يسأله عنها1؛ وكان كذلك يكتب إلى عكرمة بن خالد -محدث جليل من وجوه التابعين، وهو أخو الحارث الشاعر- يسأله كما يسأل أخاه2.

وكان أبو عمرو يذهب إلى عمرو بن دينار ومعه كتابه، فكان يقيد في كتابه مما يسمعه مالم يكن فيه 3. وقال شعبة4: كنت أجتمع أنا وأبو عمرو بن العلاء عند أبي نوفل بن أبي عقرب فأسأله عن الحديث خاصةً، ويسأله أبو عمرو عن الشعر واللغة خاصةً، فلا أكتب شيئًا مما يسأله عنه أبو عمرو، ولا يكتب أبو عمرو شيئًا مما أسأله أنا عنه.

وكان من أثر شغفه بالتدوين أن كتبه "ملأت بيتًا له إلى قريب من السقف، ثم إنه تقرأ فأحرقها كلها؛ فلما رجع بعد إلى علمه الأول لم يكن عنده إلى ما حفظه بقلبه. وكانت عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا الجاهلية"5.

وأما حماد الراوية فالأخبار التي جمعناها عنه تدل دلالة صرحية على أنه كانت عنده كتب فيها أخبار الجاهلية وأنسابها وأشعارها، بعضها كتبه بنفسه، وبعضها كُتب من قبله فقرأه واستفاد منه في تدوين كتبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015