المغازي والسيرة:

وأول ما يلفتنا من المغازي والسيرة أنها كانت مادة من مواد المفسر يلجأ إليها حين يعرض لأسباب نزول الآية أو للأخبار والحوادث المتصلة بها، كما مر بنا في تفسير عروة بن الزبير لآية من سورة الممتحنة إذ فصَّل القول في الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش يوم الحديبية؛ وكذلك كان دأب المفسرين.

ولكن عروة كانت له كتابات تاريخية خالصة؛ حفظتها لنا بعض كتب التاريخ التي وصلت إلينا. فقد كان عبد الملك بن مروان يرسل إليه يسأله عن بعض الحوادث التاريخية، فكتب إليه يسأله مرة عن هجرة الحبشة1، ومرة أخرى عن وقعة بدر وخروج أبي سفيان2، ومرة ثالثة عن خالد بن الوليد وفتح مكة3. وكان عروة بن الزبير في كل مرة يكتب إلى عبد الملك مجيبًا له عما يسأله؛ فكان مما كتبه مثلًا "أما بعد، فإنك كتبت إلي في أبي سفيان ومخرجه، تسألني كيف كان شأنه؟ كان من شأنه أن أبا سفيان بن حرب أقبل من الشام في قريب من سبعين راكبًا، من قبائل قريش كلها، كانوا تجارًا بالشام. فأقبلوا جميعًا معهم أموالهم وتجارتهم؛ فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد كانت الحرب بينهم قبل ذلك، فقتلت قتلى ... " ثم يمضي يفصل القول تفصيلًا في مقدمات وقعة بدر مما نقله الطبري في تاريخه. ولذلك قيل إن عروة أول من صنف في المغازي4.

ولم يكن عروة وحده يدون هذه المغازي، بل كان يدونها غيره من معاصريه، مثل أبان ابن الخليفة الثالث عثمان بن عفان "توفي أبان سنة 105"، وقد أخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015