الكتاب: وقد مر بنا، في حديثنا عن أدوات الكتابة، بعض ما ورد فيه لفظ الكتاب من الشعر الجاهلي، وقلنا آنذاك إن الكتاب مصدر كالكتابة، ولكنه لكثرة استعماله ودورانه أصبح اسمًا يطلق على الشيء المكتوب. وسنعرض بعض الروايات التي يرد فيها لفظ الكتاب بمعنى: الديوان أو الصحف المجموعة، وبذلك يكون معناه آنذاك كمعناه عندنا الآن.
فقد جاء ابن قرة بكتاب إلى ابن مسعود وقال1: وجدته بالشام فأعجبني فجئتك به. قال: فنظر فيه ابن مسعود، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب وتركهم كتابهم.
وهذا عبيدة بن عمرو السلماني المرادي "-72" دعا بكتبه عند موته، فمحاها، وقال2: أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير مواضعها.
وكذلك وضع كريب "-98" عند موسى بن عقبة حمل بعير من كتب ابن عباس "-68"3. وأوصى كذلك أبو قلابة عبد الله بن زيد "-104، 105، 107" أن تُدفع كتبه بعد موته إلى أيوب السختياني إن كان حيًّا وإلا فلتحرق4. وكذلك أمر شعبة بن الحجاج ابنه أن يغسل كتبه ويدفنها بعد موته5.
ألفاظ أخرى: وكانوا كذلك يطلقون على الكتاب المجموع لفظ: المصحف -ويقصدون به مطلق الكتاب لا القرآن الكريم وحده. فمن ذلك ما ذكره بقية قال6: دفع إليَّ بحير مصحفًا لخالد بن معدان "الكلاعي المتوفى سنة 104" فيه علمه أخذه منه مكتوبًا في تختين وله مثل دفتي المصحف وله عرى وأزرار.