ولنرجع إلى الأنموذج فنقول. علم "التعبير" يعرفك منهاج ضرب المثال؛ لأن الرؤيا جزء من النبوة. أما ترى أن الشمس في الرؤيا تعبيرها السلطان، لما بينهما من المشاركة والمماثلة في معنى روحانى - وهو الاستعلاء على الكافة مع فيضان الآثار على الجميع. والقمر تعبيره الوزير لإفاضة الشمس نورها بواسطة القمر على العالم عند غيبتها كما يفيض السلطان أنواره بواسطة الوزير على من يغيب عن حضرة السلطان. وأن من يرى أنه في يده خاتم يختم به أفواه الرجال وفروج النساء فتعبيره أنه مؤذن يؤذن قبل الصبح في رمضان. وأن من يرى أنه يصب الزيت في الزيتون فتعبيره أن تحته جارية هى أمه وهو لا يعرف. واستقصاء أبواب التعبير يزيدك أنساً بهذا الجنس، فلا يمكننى الاشتغال بعدّها: بل أقول:
كما أن في الموجودات العالية الروحانية ما مثاله الشمس والقمر والكواكب، فكذلك فيها ما له أمثلة أخرى إذا اعتبرت منه أوصاف أخر سوى النورانية. فإن كان في تلك الموجودات ما هو ثابت لا يتغير (و 13ـ 1) وعظيم لا يستصغر، ومنه ينفجر إلى أودية القلوب البشرية مياه المعارف ونفائش المكاشفات فمثاله "الطّور"؛ وإن كان ثمّ موجودات تتلقى تلك النفائس بعضهم أولى من بعض فمثالها الوادى. وإن كانت تلك النفائس بعد اتصالها بالقلوب البشرية تجرى من قلب إلى قلب، فهذه القلوب أيضاً أودية. ومفتتح الوادى قلوب الأنبياء ثم العلماء ثم مَنْ بعدهم. فإن كانت هذه الأودية دون الأول وعنها تغترف، فبالحرِىّ أن يكون الأول هو الوادى الأيمن لكثرة يمْنه وعلو درجته. وإن كان الوادى الأدون يتلقى