البخاري في عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: «مَاتَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ» (?).
ومع إيمانه وإسلامه إلا انه بقي حاكماً في قوم جميعهم من الكفار المعاندين للتوحيد، الرافضين للدخول في الدين.
وقد قام فيهم بما يستطيع أن يقوم به من العدل والإحسان، ولا شك أن بقاءه فيهم مع ما في ذلك من بقاء ما هم فيه من الكفر والشرك .. خير من ترك هذا المنصب ليتولاه من يفسد فيه ..
ولا شك أن منهج الرسل في دعوتهم إلى الله هو تحصيل المصالح وتكميلها، والدعوة إلى الله حسب الاستطاعة. وليس كل أحد بمستطيع أن يقيم العدل كاملاً، ويفعل كل ما يريد على أكمل الوجوه ..
فكان تقليل الشرور إلى أقل حد ممكن وتحصيل المصالح لأكبر حد ممكن منها هو منهج الرسل والأنبياء عليهم السلام.
والشاهد في قصة النجاشي -رحمه الله- أنها دليل صريح من السنة على جواز تولي المسلم ولاية عامة بل الولاية الكبرى في قوم من الكفار وإن بقوا على الشرك والكفر طالما أنه يقيم الحجة عليهم، ويدعوهم إلى الله وإن لم يستجيبوا ...
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَمَّا فُتِنَ أَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَخَرَجْنَا أَرْسَالًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَصَبْنَا خَيْرَ دَارٍ، وَأَصَبْنَا قَرَارًا، وَجَاوَرْنَا رَجُلًا حَسَنَ الْجِوَارِ، وَائْتَمَرَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ مِنْ طَرَائِفِ بِلَادِهِمْ مِنَ الْأُدُمِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ الْأُدُمُ يَعْجَبُ النَّجَاشِيَّ أَنْ يُهْدَى إِلَيْهِ، وَأَنْ يُهْدُوا لِبَطَارِقَتِهِ فَفَعَلُوا أَوْ بَعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْنَا، فَلَمَّا قَدِمَا قَدَّمَا لِلْبَطَارِقَةِ الْهَدَايَا وَوَصَفَا حَاجَتَهُمْ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ شُبَانًا فِينَا خَرَجُوا، وَقَدِ ابْتَدَعُوا دِينًا سِوَى