وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة.

وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم مُصَرِّفَ القلوب صَرِّفْ قلوبنا على طاعتك".

انتهى المقصود مما كتبه ابن رجب رحمه الله تعالى (?).

19 - (ومنها): أن قدرة الله تعالى لا يوجبها شيء من الأسباب إلا بمشيئته، فإنه لم يجعل الجماع علّةً للولد؛ لأن الجماع قد يَحصُل ولا يكون الولد حتى يشاء الله ذلك.

20 - (ومنها): أن الشيء الكثيف يحتاج إلى طول الزمان، بخلاف اللطيف، ولذلك طالت المدة في أطوار الجنين حتى حصل تخليقه، بخلاف نفخ الروح، ولذلك لمّا خلق الله الأرض أوّلًا عَمَد إلى السماء فسواها، وترك الأرض لكثافتها بغير فتق، ثم فُتِقَتَا معًا، ولما خلق آدم، فصوره من الماء والطين، تركه مدة، ثم نفخ فيه الروح.

21 - (ومنها): أن الداوديّ استدل بقوله: "فتدخل النار" على أن الخبر خاص بالكفار، واحتج بأن الإيمان لا يُحبطه إلا الكفر.

وتُعُقِّب بأنه ليس في الحديث تَعَرُّض للإحباط، وحمله على المعنى الأعم أولى، فيتناول المؤمن حتى يُختَم له بعمل الكافر مثلًا فيرتدّ، فيموت على ذلك، فنستعيذ بالله من ذلك، ويتناول المطيع حتى يختم له بعمل العاصي، فيموت على ذلك، ولا يلزم من إطلاق دخول النار أنه يُخَلَّد فيها أبدًا، بل مجرد الدخول صادق على الطائفتين.

22 - (ومنها): أنه استدل به على أنه لا يجب على الله رعاية الأصلح، خلافًا لمن قال به من المعتزلة؛ لأن فيه أن بعض الناس يذهب جميعُ عمره في طاعة الله، ثم يختم له بالكفر -والعياذ بالله- فيموت على ذلك، فيدخل النار، فلو كان يجب عليه رعاية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015