(والرابع): يومَ يصدُر الناس أشتاتًا فلا يَدري أي الطريقين يُسلَك به.

وقال سهل التستري: المريد يخاف أن يُبْتلَى بالمعاصي، والعارف يخاف أن يُبتلَى بالكفر.

ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق، ويشتد قلقهم وجزعهم منه، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة، فيخرجَهُ إلى النفاق الأكبر، كما تقدم أن دسائس السوء الخفيّة توجب سوء الخاتمة.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكثر أن يقول في دعائه: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، فقيل له: يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ فقال: "نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل قلبها كيف شاء". أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، من حديث أنس (?).

وأخرج الإمام أحمد من حديث أم سلمة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر في دعائه أن يقول: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، فقلت: يا رسول الله، أَوَ إن القلوب لتتقلب؟ قال: "نعم ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، فإن شاء عز وجل أقامه، وإن شاء أزاغه، فنسأل الله ربنا أن لا يُزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب"، قالت: قلت: يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: "بلى، قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مُضِلات الفتن ما أحييتني" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015