الكريم النصيحة، فكيف، وأنت تودّ أنهم دونك؟. انتهى (?).
(حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ) بنصب "يحب"، لأن "حتى" جارة، و"أن" بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع، فتكون "حتى" عاطفة، فلا يصح العنى، إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة.
[فإن قيل]: قوله: "لأخيه" ليس له عموم، فلا يتناول سائر المسلمين.
[وأجيب]: بأن معنى قوله: "لأخيه" للمسلمين، تعميمًا للحكم، أو يكون التقدير: لأخيه من المسلمين، فيتناول كل أخ مسلم. قاله العينيّ (?).
(أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لجِارِهِ) بدل "أخيه" (مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) أي "من الخير" لما في رواية النسائيّ من طريق حسين المعلّم عن قتادة: "من الخير".
و"الخير": كلمة جامعة تعم الطاعات، والمباحات الدنيوية، والأخروية، وتخرج المنهيات؛ لأن اسم الخير لا يتناولها، والمحبة إرادة ما يعتقده خيرا. قال النووي: المحبة الميل إلى ما يوافق المحب، وقد تكون بحواسه، كحسن الصورة، أو بفعله، إما لذاته، كالفضل والكمال، وإما بإحسانه، كجلب نفع، أو دفع ضرر. انتهى ملخصا.
والمراد بالميل هنا الاختياري، دون الطبيعي، والْقَسْريّ، والمراد أيضا أن يحب أن يحصل لأخيه نظيرُ ما يحصل له، لا عينه، سواء كان في الأمور المحسوسة، أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له، لا مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه له، إذ قيام الجوهر، أو العرض بمحلين محال. قاله في "الفتح".
وقال في "عمدة القاري" 1/ 160 - : ما حاصله: المحبّة مطالعة المنّة من رؤية إحسان أخيه، وبرّه، وأياديه، ونعمه المتقدّمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقّها به، وستره على معايبه، وهذه محبة العوامّ قد تتغيّر بتغيّر الإحسان، فإن زاد الإحسان زاد الحبّ، وإن نقصه نقصه. وأما محبّة الخواصّ، فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال؛