لمصلحة ما لا يكون إخبارًا بالغيب، بل يكون تبليغًا له، قال الله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} الآية [الجنّ: 26]. انتهى (?).
(فَتَلَا) أي قرأ (رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-) تصديقًا لقوله: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، فقوله ({إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}) مفعول به لـ "تلا" محكيّ؛ لقصد لفظه، أي علم وقت وقوعها.
{وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} قرىء بالتشديد، من التنزيل، والتخفيف من الإنزال: أي وهو ينزل المطر الذي يُغيث الناس في أمكنة، وأزمنة لا يعلمها إلا هو {وَيَعْلَمُ مَا في الْأَرْحَامِ} أي وهو يعلم تفاصيل ما في أرحام الإناث، من ذكر أو أنثى، وواحد ومتعدّد، وكامل وناقص، ومؤمن وكافر وطويل وقصير، وغير ذلك، قال الله عز وجل في آية أخرى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} [الرعد: 8]: أي تنقص وما تزداد، أي من مدّة الحمل، والجثّة والعدد {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] أي بقدر واحد لا يتجاوزه.
{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ} برةً كانت أو فاجرة {مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} من خير أو شرّ، وربّما كانت عازمةً على خير، فعملت شرّا، وعازمةً على شرّ فعملت خيرًا {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} أي أين تموت، فربما أقامت بأرض، وضربت أوتادها، وقالت: لا أبرحها، فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها (?).
{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ} أي بهذه الأشياء من جزئياتها وكلياتها خصوصًا، وبغيرها عمومًا {خَبِيرٌ} أي عالم بباطنها، كما أنه عالم بظاهرها.
[فإن قيل]: كيف يطابق تفسيره -صلى الله عليه وسلم- الآية بقوله: "في خمس لا يعلمهن إلا الله"، وليس في الآية أداة حصر، كما في الحديث؟.