في العلم بأن الله تعالى استأثر بها؛ لقوله بعدُ: "خمس لا يعلهمنّ إلا الله الخ".
(وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا) بفتح الهمزة، جمع شَرَط بفتحتين، كقَلَم وأقلام: أي علاماتها (إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَتَهَا) التعبير بـ "إذا" يُشعر بتحقّق الوقوع، وقوله: (فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) -أي من علامات الساعة- جواب "إذا"، وقد سبق بيان اختلاف العلماء في معنى "ولدت الأمة ربتها" مستوفًى في شرح حديث عمر -رضي الله عنه-، فراجعه تستفد.
(وَإِذَا تَطَاوَلَ) أي تفاخر، وتكاثر (رِعَاءُ الْغَنَمِ) بكسر الراء: جمع راع (في الْبُنْيَانِ) أي في تشييد البنيان (فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) أي من علاماتها (في خَمْسٍ) قال في "الفتح": أي علم وقت الساعة داخل في جملة خمس، وحَذْفُ متعلق الجار سائغ، كما في قوله تعالى: {في تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: 12]: أي اذهب إلى فرعون بهذه الآية، في جملة تسع آيات (?). وفي رواية عطاء الخراساني: "قال: فمتى الساعة؟ قال: هي في خمس من الغيب، لا يعلمها إلا الله". انتهى.
وقال القرطبيّ: قوله: "في خمس الخ": فيه حذف، وتوسّعٌ: أي هي من الخمس التي قد انفرد الله بعلمها، أو في عددهنّ، فلا مطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمس، ولقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] فلا طريق لعلم شيء من ذلك، إلا أن يُعْلِم الله تعالى بذلك، أو بشيء منه أحدًا ممن شاءه، كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجنّ: 26 - 27]، فمن ادّعى علم شيء من هذه الأمور كان في دعواه كاذبًا، إلا أن يُسند ذلك إلى رسول بطريق تفيد العلم القطعيّ، ووجود ذلك متعذّر، بل ممتنعٌ، وأما ظنّ الغيب، فلم يتعرّض شيء من الشرع لنفيه، ولا لإثباته، فقد يجوز أن