لا عن شرح لفظهما في اللغة، ولا عن حكمهما؟ لأن "ما" في أصلها إنما يُسأل بها عن الحقائق، والماهيّات، ولذلك أجابه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "أن تؤمن بالله، وبكذا، وكذا، فلو كان سائلًا عن شرح لفظهما في اللغة لما كان هذا جوابًا له؛ لأن المذكور في الجواب، هو المذكور في السؤال. انتهى (?).
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ تَعْبُدَ اللَّه) أي توحّده بلسانك على وجه يُعتدّ به، فشمل الشهادتين، فيوافق هذا الحديث حديث عمر -رضي الله عنه- المذكور قبله، وكذا حديث بُني الإسلام على خمس المتّفق عليه، وقوله: (وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) تأكيد لجملة "أن تعبد الله" (وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ المكتوبة) أي المفروضة على العباد (وتؤدّي الزَّكَاةَ المفروضة) على الأغنياء، زاد في رواية النسائيّ من طريق أبي فروة عن أبي زرعة في "وتحج البيت" (وَتَصُومَ رَمَضَانَ) فيه جواز إطلاق رمضان من إضافة شهر إليه، وهو القول الصحيح، وكرهه بعضهم.
وزاد في رواية النسائيّ المذكورة: "قَالَ: إِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ؟، قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: صَدَقْتَ، فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الرَّجُلِ صَدَقْتَ، أَنْكَرْنَاهُ".
(قَالَ) الرجل (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ تَعْبُدَ اللَّه كَأنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) تقدّم شرح هذه الجملة مستوفًى في الحديث الماضي، وزاد في رواية النسائيّ: "قَالَ صَدَقْتَ" (قَالَ) الرجل (يَا رَسُولَ اللَّه مَتَى السَّاعَةُ؟) أي متى يقوم يوم القيامة (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا) وفي رواية أبي فروة المذكورة: "قَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَنَكَسَ، فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا، ثُمَّ أَعَادَ، فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا، ثُمَّ أَعَادَ، فَلَمْ يُجِبْهُ شَيْئًا، وَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ إلخ".
(بِأَعْلَمَ) الباء زائدة لتأكيد النفي (مِنَ السَّائِلِ) يعني أن الناس كلهم في وقت الساعة سواء، فكلهم غير عالمين به على الحقيقة، ولهذا قال: "في خمس لا يعلمهنّ إلا الله".
قال في "الفتح": وهذا وإن كان مُشعرًا بالتساوي في العلم، لكن المراد التساوي