(قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ) دل الجواب أنه عَلِمَ أنه سأله عن مُتَعَلِّقَاته، لا عن معنى لفظه، وإلا لكان الجواب الإيمانُ التصديق. (وَمَلَائِكَتِهِ) أي تُصدّق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}. (وَكُتُبِهِ) أي تصدّق بأنها كلام الله، وليست مخلوقة، وأن ما تضمنته حقّ وصدق.

(وَرُسُلِهِ) قال في "الفتح": وللأصيلي: "وبرسله"، ووقع في حديث أنس، وابن عباس: "والملائكة، والكتاب، والنبيين"، وكُلٌّ من السياقين في القرآن في البقرة، والتعبير بالنبيين يَشمَل الرسل من غير عكس.

(وَلقَائِهِ) قيل: هذا مكرّر؛ لأنه داخل في الإيمان بالبعث، والحقّ أنه غير مكرّر، فقيل: المراد بالبعث القيام من القبور، والمراد باللقاء ما بعد ذلك، وقيل: اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا، والبعث بعد ذلك، ويدلّ على ذلك قوله بعده: "وتؤمن بالبعث الآخر"، وقيل: المراد باللقاء رؤية الله، ذكره الخطابيّ، وتعقّبه النوويّ بأن أحدًا لا يَقطع لنفسه برؤية الله، فإنها مختصة بمن مات مؤمنًا، والمرء لا يدري بم يُختم له، فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان؟ وأجيب بأن المراد الإيمان بأن ذلك حقّ في نفس الأمر.

وهذا من الأدلّة القويّة لأهل السنّة في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة؛ إذ جُعلت من قواعد الإيمان. قاله في "الفتح" (?) (وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ) قيل: ذكرُ "الآخر" تأكيدٌ، كقولهم: "أمس الذاهب"، وقيل: لأن البعث وقع مرتين: الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود، أو من بطون الأمهات بعد النطفة، والْعَلَقة إلى الحياة الدنيا، والثانية البعث من بطون القبور إلى محل الاستقرار.

وأما اليوم الآخر، فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة المحدودة.

(قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه مَا الْإِسْلَامُ؟) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ما معناه: إن سؤال جبريل عليه السلام عن الإسلام والإيمان بلفظ "ما" يدلّ على أنه إنما سأل عن حقيقتهما عنده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015