مكثتُ، يقال: لبِث بالمكان لَبَثًا، من باب تعب، وجاء في المصدر السكون للتخفيف، واللَّبْثة بالفتح: المرّة، وبالكسر: الهيئة، والنوع، والاسم: اللُّبْث بالضمّ، واللَّبَاث. قاله في "المصباح" (ثَلَاثًا) أي ثلاث ليال.
وفي رواية مسلم: "فلبثت مليّا"، قال النوويّ: معنى: "مليّا" بتشديد الياء: وقتًا طويلًا، وفي رواية أبي داود، والترمذيّ أنه قال ذلك بعد ثلاث، وفي "شرح السنّة" للبغويّ: "بعد ثالثة"، وظاهر هذا أنه بعد ثلاث ليال، وفي ظاهر هذا مخالفة لقوله في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بعد هذا: "ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رُدُّوا عليّ الرجلَ، فأخذوا ليردّوه، فلم يروا شيئًا، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: هذا جبريل ... الحديث.
فيحتمل الجمع بينهما أن عمر -رضي الله عنه- لم يحضر قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهم في الحال، بل كان قد قام من المجلس، فأخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الحاضرين في الحال، وأخبر عمر -رضي الله عنه- بعد ثلاث، إذ لم يكن حاضرًا وقت إخبار الباقين. انتهى كلام النوويّ (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الجمع هو الأحسن، وسيأتي وجه آخر في الجمع في عبارة الفتح" قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(فَقَالَ: "أَتَدْرِي) أي أتعلم (مَنِ الرَّجُلُ؟) وفي رواية مسلم: "من السائل؟ " (قُلْتُ: اللَّه وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (ذَاكَ جِبْرِيلُ) عليه السلام (أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالم دِينِكُمْ) بفتح الميم جمع مَعلَم، قال في "القاموس": مَعْلَم الشيء كمَقْعَد: مَظِنّته، وما يُستدلّ به، كالْعُلَّامَة، كرُمَّانَة. انتهى (?).
والمراد به هنا أمور الدين، وفي رواية مسلم: "ليعلّمكم دينكم"، وللنسائيّ: "أمر دينكم": أي قواعد دينكم، أو كلّيّات دينكم. وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "هذا جبريل جاء يعلّم الناس دينهم".
وللإسماعيلي: "أراد أن تعلموا، إذ لم تسألوا"، وفي رواية للنسائيّ: "والذي بعث