مع عدم الإضافة، كما في رواية مسلم: "رعاء البهم"، وميم "البهم" في رواية البخاري، يجوز ضمها على أنه صفة "الرعاة"، ويجوز الكسر على أنها صفة "الإبل"، يعني الإبل السُّود، وقيل: إنها شر الألوان عندهم، وخيرها الأحمر التي ضرب بها المثل، فقيل: "خير من حمر النعم"، ووصف الرعاة بالبهم: إما لأنهم مجهولو الأنساب، ومنه أُبهِم الأمر، فهو مبهم: إذا لم تعرف حقيقته. انتهى.

وقال القرطبي و"البهم" بفتح الباء-: جمع بهيمة، وأصلها صغار الضأن والمعز، وقد يختصّ بالمعز، وأصله من استبهم عن الكلام، ومنه البهيمة. ووقع في البخاريّ: "رعاة الإبل البهم" -بضم الباء-: جمع أبهم، وهو الأسود الذي لا يُخالطه لون آخر، وقُيّدت ميم البهم بالكسر، والضمّ، فمن كسرها جعلها صفة للإبل، ومن رفعها جعلها صفة للرعاء. وقيل: معناه لا شيء لهم، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يُحشَر الناس حُفاة، عُراة، بُهما"، قال: وهذا التأويل فيه نظر، لأنه قد نسب له إبلًا، وظاهرها الملك. وقال الخطّابيّ: هو جمع بهيم، وهو المجهول الذي لا يُعرف.

قال: والأولى أن يُحمَل على أنهم سُود الألوان؛ لأن الأُدْمة غالبة على ألوانهم. انتهى كلام القرطبيّ.

وأجاب الحافظ عن قول القرطبيّ: فيه نظر الخ بأنه يُحمل على أنها إضافة اختصاص، لا ملك، وهذا هو الغالب أن الراعي يرعى لغيره بالأجرة، وأما المالك، فقَلَّ أن يباشر الرعي بنفسه. انتهى.

وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: "وإذا رأيت الحفاة العراة الصمّ البكم ملوك الأرض". وقيل لهم: ذلك مبالغةً في وصفهم بالجهل: أي لم يستعملوا أسماعهم، ولا أبصارهم في شيء من أمر دينهم، وإن كانت حواسهم سليمة.

والمراد بهؤلاء: هم أهل البادية، كما صرح به في رواية سليمان التيمي وغيره، قال: "ما الحفاة العراة؟ "، قال: "الْعُرَيب"، وهو بالعين المهملة على التصغير، وفي الطبراني من طريق أبي جمرة، عن ابن عباس، مرفوعا: "من انقلاب الدين تَفَصُّح النَّبَط،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015