العلوم والحكم" في هذا الحديث، فقد أجاد رحمه الله تعالى البحث فيه، وأتى بالعجب العجاب من الفوائد الكثيرة، والعوائد الغزيرة، أحببت إيراده هنا؛ تكميلًا للفوائد، وتتميمًا للعوائد، قال رحمه الله تعالى- بعد أن أورد أحاديث في معنى الحديث الذي ذكره المصنّف: ما حاصله: دلت هذه الأحاديث على النهي عن السؤال عما لا يحتاج إليه، مما يسوء السائل جوابه، مثل سؤال السائل هل هو في النار أو في الجنة؟ وهل أبوه من يُنسب إليه أو غيره؟ وعلى النهي عن السؤال على وجه التعنت والعبث والاستهزاء، كما كان يفعله كثير من المنافقين وغيرهم، وقريب من ذلك سؤال الآيات، واقتراحها على وجه التعنت كما كان يسأله المشركون وأهل الكتاب. وقال عكرمة وغيره. إن الآية نزلت في ذلك، ويقرب من ذلك السؤال عما أخفاه الله عن عباده، ولم يطلعهم عليه كالسؤال عن وقت الساعة، وعن الروح.
ودلت أيضا على نهي المسلمين عن السؤال عن كثير من الحلال والحرام، مما يُخشى أن يكون السؤال سببا لنزول التشديد فيه، كالسؤال عن الحج، هل يجب كل عام أم لا؟ وفي الصحيح عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته". ولما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- عن اللعان كره المسائل وأعابها، حتى ابتلي السائل عنه قبل وقوعه بذلك في أهله. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، متّفق عليه. ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرخص في المسائل، إلا للأعراب ونحوهم، من الوفود القادمين عليه، يتألفهم بذلك، فأما المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينة الذين رسخ الإيمان في قلوبهم فَنُهُوا عن المسألة، كما في "صحيح مسلم " عن النواس بن سمعان قال: أقمت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة سنة، ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفيه أيضا عن أنس -رضي الله عنه- قال: نهينا أن نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله، ونحن نسمع. وفي "المسند" عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: كان الله قد أنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا