هذا فيكون قوله: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] حالًا منهم، وساغ هذا، وإن كان من المعطوف دون المعطوف عليه، كقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8] إلى قوله: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} الآية [الحشر: 10]، وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] أي وجاء الملائكة صفوفًا صفوفًا. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما تقدّم عن أبي العباس القرطبيّ ترجيحه هو الأرجح، فتأمّله بتأنٍّ وإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): قال أبو عبد الله القرطبيّ: قال شيخنا أبو العبّاس -يعني القرطبيّ، صاحب المفهم"-:
متبعوا المتشابه لا يخلو أن يتبعوه، ويجمعوه طلبًا للتشكيك في القرآن، وإضلال العوام، كما فعلته الزنادقة، والقرامطة (?) الطاعنون في القرآن، أو طلبًا لاعتقاد ظواهر المتشابه، كما فعلته المجسمة، الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة، مما ظاهره الجسمية، حتى اعتقدوا أن البارىء تعالى جسم مُجَسم، وصورة مصورة، ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وإصبع، تعالى الله عن ذلك، أو يَتَّبِعوه على جهة إبداء تأويلاتها، وإيضاح معانيها، أو كما فعل صَبِيغ حين أكثر على عمر فيه السؤال، فهذه أربعة اقسام:
(الأول): لا شك في كفرهم، وأن حكم الله فيهم القتل، من غير استتابة.
(الثاني): الصحيح القول بتكفيرهم؛ إذ لا فرق بينهم وبين عُبّاد الأصنام والصور، ويستتابون، فإن تابوا، وإلا قتلوا، كما يُفعل بمن ارتد.