التأويل الأول، فيكون مقطوعا مما قبله، ويجوز أن يكون معطوفا على "الريح"، و"يلمع" في موضع الحال على التأويل الثاني، أي لامعًا.

واحتج قائلوا هذه المقالة أيضًا بأن الله سبحانه مدحهم بالرسوخ في العلم، فكيف يَمدحهم، وهم جُهّال، وقد قال ابن عباس: أنا ممن يَعلَم تأويله. وقرأ مجاهد هذه الآية، وقال: أنا ممن يعلم تأويله، حكاه عنه إمام الحرمين أبو المعالي.

قال القرطبيّ: وقد رَدّ بعضُ العلماء هذا القول إلى القول الأول، فقال: وتقدير تمام الكلام عند (الله) أن معناه: وما يعلم تأويله إلا الله -يعني تأويل المتشابهات، والراسخوان في العلم يعلمون بعضه، قائلين: آمنا به، كلٌّ من عند ربنا بما نُصِبَ من الدلائل في المحكم، ومكّن من رَدِّه إليه، فإذا علموا تأويل بعضه، ولم يعلموا البعض قالوا: آمنا بالجميع، كلٌّ من عند ربنا، وما لم يُحط به علمنا من الخفايا، مما في شرعه الصالح، فعلمه عند ربنا.

[فإن قال قائل]: قد أشكل على الراسخين بعضُ تفسيره، حتى قال ابن عباس: لا أدري ما الأوّاه، ولا ما غِسْلِين؟.

[قيل له]: هذا لا يلزم؛ لأن ابن عباس قد عَلِم بعد ذلك، ففسر ما وقف عليه.

وجواب أقطع من هذا، وهو أنه سبحانه لم يقل: وكل راسخ، فيجبَ هذا، فإذا لم يعلمه أحد علمه الآخر.

ورجح ابن فُورَك أن الراسخين يعلمون التأويل، وأطنب في ذلك، وفى قوله -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل" ما يبين لك ذلك: أي علمه معانيَ كتابك، والوقف على هذا يكون عند قوله: {وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ}، قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر (?): وهو الصحيح، فإن تسميتهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوى في علمه جميع من يَفهَم كلام العرب، وفي أيّ شيء هو رسوخهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015