للمسلمين، ويَعِدُ امرأته بعطية شيء، ويريد إن قَدّر الله ذلك، وأن يُظهِر من نفسه قوة.
وبالأول جزم الخطابي وغيره، وبالثاني جزم المهلب والأصيلي وغيرهما.
واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل، إنما هو فيما لا يُسقط حقا عليه أو عليها، أو أخذَ ما ليس له أو لها، وكذا في الحرب في غير التأمين.
واتفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار، كما لو قصد ظالم قتل رجل، وهو مختف عنده، فله أن يَنفِي كونه عنده، ويَحلِفَ على ذلك، ولا يأثم. انتهى ما في "الفتح" (?).
وقال في موضع آخر: قال النووي: الظاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثلاثة، لكن التعريض أولى. وقال ابن العربي: الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص؛ رفقًا بالمسلمين لحاجتهم إليه، وليس للعقل فيه مجال، ولو كان تحريم الكذب بالعقل ما انقلب حلالًا. انتهى.
قال الحافظ: ويقويه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة الحجاج بن عِلَاط الذي أخرجه النسائي، وصححه الحاكم، في استئذانه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول عنه ما شاء، لمصلحته في استخلاص ماله من أهل مكة، وأَذِنَ له النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإخباره لأهل مكة أن أهل خيبر هزموا المسلمين، وغير ذلك مما هو مشهور فيه.
ولا يعارض ذلك ما أخرجه النسائي، من طريق مصعب بن سعد، عن أبيه، في قصة عبد الله بن أبي سَرْح، وقول الأنصاري للنبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا كَفّ عن بيعته-: هلا أومأت إلينا بعينك؟ قال: "ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين"؛ لأن طريق الجمع بينهما أن المأذون فيه بالخداع والكذب في الحرب حالة الحرب خاصة، وأما حالُ المبايعة فليست بحال حرب.
قال الحافظ: كذا قال، وفيه نظر؛ لأن قصة الحجاج بن عِلاط أيضًا لم تكن في