مرفوعًا، لا يحل الكذب إلا في ثلاث: تحديثُ الرجل امرأته ليُرضِيها، والكذب في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس" (?).
قال في "الفتح" عند قوله: "أو يقول خيرًا": قال العلماء: المراد هنا أنه يخبر بما عمله من الخير، ويسكت عما عمله من الشر، ولا يكون ذلك كذبًا؛ لأن الكذب الأخبار بالشيء على خلاف ما هو به، وهذا ساكت، ولا يُنسَب لساكت قول.
ولا حجة فيه لمن قال: يشترط في الكذب القصد إليه؛ لأن هذا ساكت.
وما زاده مسلم والنسائي من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه في آخره: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث"، فذكرها، وهي الحرب، وحديث الرجل لامرأته، والإصلاح بين الناس. وأورد النسائي أيضا هذه الزيادة من طريق الزبيديّ، عن ابن شهاب، وهذه الزيادة مدرجة بَيَّن ذلك مسلم في روايته من طريق يونس، عن الزهري، فذكر الحديث، قال: وقال الزهري ... وكذا أخرجها النسائي مفردةً من رواية يونس، وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره.
وجزم موسى بن هارون وغيره بادراجها.
قال: ورويناه في فوائد ابن أبي ميسرة من طريق عبد الوهاب بن رُفيع، عن ابن شهاب، فساقه بسنده مقتصرًا على الزيادة، وهو وَهَمٌ شديد.
قال الطبري: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح، وقالوا: إن الثلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة، أو ليس فيه مصلحة.
وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقًا، وحملوا الكذب المراد هنا على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم: دعوت لك أمسِ، وهو يريد قوله: اللهم اغفر