والصدق بخلافه. ويحتمل أن يكون المراد بالفجور هو نفس ذلك الكذب، وكذلك البرّ نفس ذلك الصدق، والهداية إليه باعتبار الغايرة الاعتباريّة في المفهوم والعنوان، كما يقال: العلم يؤدّي إلى الكمال، وإليه يشير آخر الحديث. انتهى (?) (وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ) أي يوصل إليها، ومصداق هذا في كتاب الله تعالى قوله عز وجل: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14].

(وَإِنَّ الصِّدْقَ) -بكسر، فسكون-: خلاف الكذب. قال الراغب الأصفهانيّ: الصدق والكذب أصلهما في القول، ماضيا كان أو مستقبلًا، وعدًا كان أو غيره، ولا يكونان بالقصد الأول إلا في القول، ولا يكونان في القول إلا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام، وقد يكونان بالْعَرَض في غيره من أنواع الكلام، كالاستفهام، والأمر، والدعاء، وذلك نحو قول القائل: أزيد في الدار؟ فإن في ضمنه إخبارًا بكونه جاهلًا بحال زيد، وكذا إذا قال: واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة، وإذا قال: لا تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه. والصدق: مطابقة القول الضميرَ والمُخْبَرَ عنه معًا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقًا، بل إما أن لا يوصف بالصدق، وإما أن يوصف تارة بالصدق، وتارة بالكذب على نظرين مختلفين، كقول الكافر: من غير اعتقاد: محمد رسول الله، فإن هذا يصحّ أن يقال: صدقٌ لكون المُخْبَر عنه كذلك، ويصحّ أن يقال: كَذِبٌ لمخالفة قوله ضميره، وبالوجه الثاني إكذابُ الله تعالى المنافقين حيث قالوا: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} الآية [المنافقون: 1].

والصِّديق من كَثُر منه الصدق. وقيل: بل يقال لمن لا يكذب قطّ لتعوّده الصدق. وقيل: لمن لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده الصدق. وقيل: بل لمن صَدَقَ بقوله واعتقاده، وحَقَّقَ صدقه بفعله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015