(المسألة السابعة): في ذكر بعض ما جاء عن السلف في ذمّ البدعة:
ذكر الإمام الطبري رحمه الله تعالى في كتاب "آداب النفوس": حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبان، أن رجلًا قال لابن مسعود: "ما الصراط المستقيم، قال: تركنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادّ، وعن يساره جوادّ، وثَمّ رجال يدعون من مَرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} الآية [الأنعام: 153].
وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: تعلموا العلم قبل أن يُقبَض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع، وعليكم بالعتيق. أخرجه الدارمي.
وقال مجاهد في قوله: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} قال: البدع. قال ابن شهاب: وهذا كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} الآية [الأنعام: 159]، فالْهَرَب الْهَرَبَ، والنجاة النجاةَ، والتمسك بالطريق المستقيم، والسنن القويم، الذي سلكه السلف الصالح، وفيه المتجر الرابح. وعن أبي هريرة: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا". متّفق عليه.
وروى ابن ماجة وغيره عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة ذَرَفَت منها العيون، ووَجِلَت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فما تعهد إلينا؟ فقال قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة، وعليكم بالطاعة، وإن عبدًا حبشيا، فإنما المؤمن كالْجَمَل الأَنِفِ حيثما قيد انقاد". وأخرجه الترمذي بمعناه، وصححه.
ورَوى أبو داود قال: حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان، قال: كتب رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز، يسأله عن القدر، فكتب إليه: "أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله،