وقال الحافظ الذهبيّ رحمه الله تعالى في "سير أعلام النبلاء" (?): قال الحافظ أبو سعد السمعانيّ: سمعت أبا المعمر المبارك بن أحمد، سمعت أبا القاسم يوسف بن عليّ الزنجانيّ الفقيه، سمعت الفقيه أبا إسحاق الفيروزابادي، سمعت القاضي أبا الطيب يقول: كنا في مجلس النظر بجامع المنصور، فجاء شابّ خُراساني، فسأل عن مسألة المصرّاة، فطالب بالدليل، حتى استدلّ بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال -وكان حنفيًّا-: أبو هريرة غير مقبول الحديث، فما استتمّ كلامه، حتى سقط عليه حيّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشابّ منها، وهي تتبعه، فقيل له: تُبْ، تُبْ، فقال: فغابت الحية، فلم يُر لها أثر. إسنادها أئمة. انتهى "سير أعلام النبلاء" 2/ 618 - 619. والله تعالى أعلم.
(التنبيه الثالث): يجوز التلقيب بالأعمش، ونحوه من الألقاب التي فيها نقص، إذا اشتهر بها الشخص، وإن كان يكره ذلك بقصد تعريفه، لا تعييره؛ للضرورة، وأما النهي الوارد في آية: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] فمحمول على ما إذا كان للتعيير، كما هو المتعارف عند عوامّ الناس أنهم يلقّبون الشخص بما فيه من العيوب، كالعور، والعمَش، والعرَج، فنهي عن ذلك، وأما بعد أن اشتهر، ولا يُعرف إلا به، فيجوز؛ لما ذكرناه، وإليه أشار الحافظ السيوطيّ في "ألفية الحديث"، حيث قال:
وَذِكْرُهُ بِالْوَصْفِ أَوْ بِاللَّقَبِ ... أَوْ حِرْفَةٍ لاَ بَأْسَ إِنْ لَمْ يَعِب
(التنبيه الرابع): عدد ما رواه المصنّف رحمه الله تعالى من الأحاديث في هذا الكتاب لأبي هريرة (631) ولأبي صالح (136) وللأعمش (260) ولشريك النخعيّ (76) ولشيخه أبي بكر بن أبي شيبة (1098). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ) -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فخذوه) أي