اتباع أمره بقوله: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وغيرها من الآيات التي دلت على اتباع أمره، ولزوم طاعته، فلا يسع أحدًا رد أمره لفرض الله طاعة نبيه.

قال البيهقي بعد إحكامه هذا الفصل: ولولا ثبوت الحجة بالسنة، لما قال -صلى الله عليه وسلم- في خطبته بعد تعليم من شهده أمر دينهم: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فرب مُبَلَّغ أوعى من سامع" (?)، ثم أورد حديث: "نضر الله امرءا سمع منا حديثا، فأداه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع" (?) وهذا الحديث متواتر كما سأبينه.

قال الشافعي: فلما نَدَبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته، وحفظها، وأدائها، دل على أنه لا يأمر أن يؤدَّى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أُدِّى إليه؛ لأنه إنما يُؤَدَّى عنه حلال يُؤتَى، وحرام يُجتَنَبُ، وحَدٌّ يقام، ومال يؤخذ ويُعطَى، ونصيحة في دين ودنيا.

ثم أورد البيهقي من حديث أبي رافع قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا أُلفينّ أحدَكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري، مما أمرت به، أو نهيت عنه، يقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعنا"، أخرجه أبو داود، والحاكم (?). ومن حديث المقدام ابن معدي كرب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرّم أشياء يوم خيبر، منها الحمار الأهلي وغيره، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يوشك أن يقعد الرجل على أريكته، يحدَّث بحديثي، فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، ألا وإن ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015