قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه- في "الرسالة"، ونقله عنه البيهقي في "المدخل" قد وضع الله رسوله -صلى الله عليه وسلم-، من دينه وفرضه وكتابه الموضعَ الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله عَلَمًا لدينه، بما افترض من طاعته، وحَرّم من معصيته، وأبان من فضيلته، بما قرن بين الإيمان برسوله مع الإيمان به، فقال تبارك وتعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 171]، وقال عز وجل {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} [النور: 62]، فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي سواه تبع له، الإيمانَ بالله، ثم برسوله معه. قال الشافعي: ففرض الله على الناس أتباع وحيه، وسنن رسوله، فقال في كتابه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164] مع آي سواها، ذ كر فيهن الكتاب والحكمة. قال الشافعي: فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت من أرضاه من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [النساء: 59]، فقال بعضهم أهل العلم: {وَأُولِي الْأَمْرِ}: أمراء سرايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} يعني اختلفتم في شيء، يعني -والله تعالى أعلم- هم وأمراؤهم الذين أُمروا بطاعتهم {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} يعني -والله تعالى أعلم- إلى ما قال الله والرسول، ثم ساق الكلام إلى أن قال: فأعلمهم أن طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاعته، فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. وأحتج أيضا في فرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015