حَرَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثلُ ما حَرَّم الله" (?). قال البيهقي: وهذا خبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عما يكون بعده من رَدّ المبتدعة حديثه، فوجد تصديقه فيما بعده. ثم أخرج البيهقي بسنده عن شَبيب بن أبي فَضَالة المكي، أن عمران بن حصين رضي الله عنهما ذكر الشفاعة، فقال رجل من القوم: يا أبا نُجَيد، إنكم تحدّثونا بأحاديث، لم نجد لها أصلًا في القرآن، فغضب عمران، وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم، قال فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا؟ ووجدت المغرب ثلاثًا؟ والغداة ركعتين؟ والظهر أربعًا؟ والعصر أربعًا؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم ذلك؟ ألستم عنا أخذتموه، وأخذناه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أوجدتم فيه من كل أربعين شاةً شاةٌ، وفي كل كذا بعيرًا كذا، وفي كل كذا درهمًا كذا؟ قال: لا، قال: فعن من أخذتم ذلك؟ ألستم عنا أخذتموه، وأخذناه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟، وقال: أوجدتم في القرآن: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، أوجدتم فيه: فطوفوا سبعًا، واركعوا ركعتين خلف المقام، أو وجدتم في القرآن: "لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا شِغَار في الإسلام" (?)، أما سمعتم الله قال في كتابه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] قال عمران: فقد أخذنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء، ليس لكم بها علم.

ثم قال البيهقي: والحديث الذي رُوي في عرض الحديث على القرآن باطل لا يصح، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن. انتهى كلام البيهقي "المدخل الصغير"، وهو "المدخل إلى دلائل النبوة". وقد ذكر المسألة في "المدخل الكبير"، وهو "المدخل إلى السنن" بأبسط من هذا، فقال: "باب تعليم سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفرض اتباعها"، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 164] إلى قوله: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015