الأدلة التي تدلّ على أن العلم الذي يستحقّ كاتمه أن يُلجَم بلجام من النار ما إذا كان السائل محتاجًا إليه الجواب، بأن كان من العلوم الدينيّة، كمعرفة أحكام الصلاة، والصوم، ونحو ذلك.
وقد جاء ذمّ كتم العلم عن السلف رحمهم الله، فرُوي عن سفيان الثوريّ رحمه الله أنه قال: من بَخِل بالعلم ابتُلي بإحدى ثلاث: أن ينساه، أو يموت، ولا يُنتفع به، أو تذهب كتبه. وعن ابن المبارك رحمه الله أنه قال: من بَخِلَ بالعلم ابتُلي بثلاث: إما أن يموت، فيذهب علمه، أو يَنسى، أو يتّبع السلطان، وعن ابن معين رحمه الله قال: من بخل بالحديث، وكتم على الناس سماعهم لم يُفلح، وكذا قال إسحاق بن راهويه، قال الخطيب رحمه الله: ولا يحرم الكتم عمن ليس بأهل، أو لا يقبل الصواب إذا أرشد إليه، أو نحو ذلك، وعلى ذلك يُحمل ما نُقل عن الأئمة من الكتم، وقال بعضهم: ليس الظلم في إعطاء غير المستحقّ بأقلّ من الظلم في منع المستحقّ، ولله درّ القائل [من الطويل]:
فَمَنَ مَنَحَ الجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ ... ومَن مَنَعَ المُسْتَوْجِبِينَ فَقَدْ ظَلَمْ
وقد قال الخليل لأبي عُبيدة رحمهما الله: لا تردّنّ على مُعْجَبٍ خطأ، فيستفيدَ منك علمًا، ويَتّخذَك عدوّا (?).