وجوز بعضهم كونه بفتح الياء، وضمّ الغين، وتشديد اللام، من غَلّ من المغنم شيئًا غلولًا: إذا أخذه في خُفْية، فهو يرجع إلى الخيانة أيضًا.
وقال التوربشتي -رحمه الله-: وجه المناسبة بين قوله: "نضر الله امرأً" وبين قوله: "ثلاثٌ لا يغلّ" هو أن نقول: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا حَث مَن سَمِع مقالته على أدائها علمهم أن قلب المسلم لا يغل على هذه الأشياء؛ خشية أن يَضِنُّوا بها على ذوي الإِحَن، والحقْدِ؛ لما يقع بينهم من التحاسد والتباغض، وبَيَّنَ أن أداء مقالته إلى من يسمعها من باب إخلاص العمل لله تعالى، والنصيحة للمسلمين، ومن الحقوق الواجبة المتعلّقة بأحكامه لزوم جماعة المسلمين، فلا يحلّ له أن يتهاون به؛ لأنه يخلّ بالخلال الثلاث. انتهى (?).
(إِخلاصُ العملِ لله) خبر لمحذوف، أي أحدها، أو مبتدأ حذف خبره، أي منها، أو بدل تفصيل من "ثلاث"، والإخلاص أن يَقصِد بالعمل وجهه، ورضاه فقط، دون غرضٍ آخر دنيويّ، وقال السنديّ: أي جعل العمل خالصًا لله تعالى، لا لغيره من محبّةٍ، أو عداوة (?).
[تنبيه] وقع في شرح القاريّ قوله: "دون غرض آخر دنيويّ أو أخرويّ، كنعيم الجنة ولذاتها، أو لا يكون له غرض دنيوي من سمعة ورياء، والأول إخلاص الخاصّة، والثاني إخلاص العامة إلخ".
وهذا من أخطر ما يرى في كلام المتصوّفة المتأخرين؛ لأنه مصادم لنصوص الكتاب والسنة، فإنها مملوءة بالترغيب في طلب نعيم الجنة، وثواب الآخرة، وإنما تحذّر من طلب الأغراض الدنيوية، فقط، قال الله -عز وجل-: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19]، وقال: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} الآية [الأحزاب: 29]، وقال: {لِمَنْ