كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} الآية [الأحزاب: 21]، وقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [الصف: 10 - 11]، وقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] إلى غير ذلك من الآيات التي تحثّ على ابتغاء ثواب الآخرة بدخول الجنة، والنجاة من النار.
وكذلك أحاديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- طافحة بالحثّ على ذلك، ففي "الصحيحين من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنة. . . ." الحديث، ولفظ مسلم: دُلني على عمل أعمله يدنيني من الجنة، ويباعدني من النار، قال: "تعبد الله، لا تشرك به شيئًا. . . ." الحديث. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الكثيرة.
وبالجملة: إن هذه العبارة فشت في المتأخرين من المتصوفة، وأتباعهم، بل رأيتها في كلام النوويّ في "شرح أربعينه"، بل يقول بعضهم الإخلاص أن لا تعبده خوفًا من النار، ولا طمعًا في الجنة، وهذا منابذة للنصوص الصريحة، فينبغي لك أيها المسلم الحريص على دينه أن لا تتفوّه بهذا الكلام البذيّ الوقح، وعليك أن تُنزّه لسانك من مثله، من الألفاظ البشعة التي تنافي الكتاب والسنة، ألهمني الله وإياك الرشد والصواب، وجنينا من الزيغ والارتياب، إنه سميع قريب مجيب الدعوات، وقابل التوب والحسنات.
(وَالنُّصْحُ) قال ابن الأثير -رحمه الله-: النصيحة: كلمة يُعبّر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يُمكن أن يُعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرِها، وأصل النصح في اللغة: الْخُلُوص، يقال: نَصَحته، ونصحتُ له، ومعنى نصية الله صحّةُ الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النيّة في عبادته، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق به، والعمل بما فيه، ونصيحة رسوله -صلى الله عليه وسلم- هو التصديق بنبوته ورسالته، والانقياد لما أَمَر