متعرضًا لمكائد الشيطان، وتسويله. انتهى كلام الطيبيّ (?).

قال الجامع -عفا الله تعالى عنه-: ما قاله الطيبيّ حسنٌ، إلا أن حمل البيضاويِّ على الإطلاق أحسن منه، ومما يؤيد ذلك أن هذه الجملة -أعني "ثلاث لا يغل إلخ" ليست مذكورةً إلا عند بعض الرواة، كما نبه عليه المصنف هنا، ولو كان المعنى على ما قاله الطيبي من الحمل على هذه الجملة، لما سقطت عن بعض الرواة، بل كان يلزم ذكرها في كل الروايات، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب.

(لَا يُغِلُّ) بفتح الياء، وضمها، وكسر الغين على الصيغتين، فالأول من الغِلّ، وهو الحقد، والثاني من الإغلال: وهو الخيانة (عَلَيهِنَّ) أي على تلك الخصال (قلبُ امْرِئ مُسلِمٍ) وفي رواية "مؤمن"، أي كامل الإيمان، والمعنى: المؤمن لا يخون في هذه الأشياء الثلاثة، أو لا يدخله ضِغنٌ يُزيله عن الحقّ حين يفعل شيئًا من ذلك. قاله التوربشتي، وقال الزمخشريّ في "الفائق": إن هذه الخلال تستَصْلَح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الدَّغَل، والفساد، و"عليهن" في موضع الحال، أي لا يغلّ قلب مسلم، حال كونه كائنًا عليهن، وإنما جاز مجيء الحال عن النكرة؛ لتقدّمه، كما قال في "الخلاصة":

ولم يُنكَّر غَالِبًا ذو الحالِ إنْ ... لم يَتَأَخَّرْ أوْ يخصص أَوْ يَبِن

مِن بَعد نَفي أَو مُضَاهيهِ كـ "لا ... يَبغ امْرُؤٌ عَلى امرِيءٍ مُسْتَسْهِلَا"

وقيل: النفي بمعنى النهي، يعني أنه لا يتركها، بل يأتي بها، وقيل: أي ثلاثٌ لا يُغلّ قلبُ مسلم، حال كونه ثابتًا عليهنّ، يعني أن من تمسّك بهن طهر الله قلبه من الحقد، والخيانة.

ويُروَى أيضًا "يَغِل" بفتح الياء، وكسر الغين، وتخفيف اللام، من الوُغُول، وهو الدخول في الشيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015