المساجد، كما قال الله تعالى: {في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ} [النور: 36] انتهى، والأول أقرب، والله تعالى أعلم.
(يتلُونَ كِتَابَ اللَّه) أي القرآن، والجملة حاليّة من "قوم"؛ لتخصيصه (وَيَتَدَارسونَهُ بَينَهُمْ) قيل: التدارس قراءة بعضهم على بعض؛ تصحيحًا لألفاظه، أو كشفًا لمعانيه، وقيل: المراد المدارسة المتعارفة، بأن يقرأ بعضهم عشرا مثلًا، وبعضهم عشرًا آخر، وهكذا، فيكون أخص من التلاوة، والأظهر أنه شامل لجميع ما يتعلّق بالقرآن من التعلم، والتعليم، والتفسير، والتحقيق في مبانيه، والاستكشاف عن دقائق معانيه (?) (إِلَّا حَفَّتْهُم الملائِكَةُ) أي ملائكة الرحمة والبركة، أحدقوا، وأحاطوا بهم؛ تعظيمًا لصنيعهم، أو طافوا بهم، وداروا حولهم إلى السماء الدنيا، يستمعون قراءتهم ودراستهم، ويحفظونهم من الآفات، ويزورونهم، ويُصافحونهم، ويؤمّنون على دعائهم (وَنَزَلَت عَلَيْهِم السَّكِينَةُ) قيل: المراد بالسكينة هنا الرحمة، وهو الذي اختاره القاضي عياض.
قال النووي: وهو ضعيف؛ لعطف الرحمة عليه، وقيل: الطمأنينة، والوقار، وهو أحسن، انتهى (?)، وقيل: إنها شيء من مخلوقات الله تعالى، فيه طمأنينة، ورحمة، ومعه الملائكة.
وقال القرطبيّ: هي إما السكون، والوقار، والخشوع، وإما الملائكة الذين يستمعون القرآن، سُمُّوا بذلك؛ لما هم عليه من السكون والخشوع. انتهى (?) (وَغشَيتهُم) أي عَلَتهم، وغطّتهم، وسترتهم (الرَّحْمَةُ) أي تكفير خطيئاتهم، ورفع درجاتهم، وإيصالهم إلى جنته وكرمته. قاله القرطبيّ (وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ) أي الملإ الأعلى،