الإعانة. انتهى (?) (مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ) "ما" مصدريّة ظرفيّة، أي مدّةَ كون العبد مشغولًا في عون أخيه بأي وجهٍ كان، من جلب نفع، ودفع ضرّ.
ولمّا فرغ من الحثّ على الشفقة لخلق الله تعالى أتبعه بما يُنبىء عن التعظيم لأمر الله، وهو العلم؛ لأن العلم وسيلة إلى العمل، ومقدمة له، ومن ثَمّ ختمه بقوله: "ومن بطّأ به عمله إلخ"، فقال:
(وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا) نكّره ليشمل الأسباب والطرق كلها، أي من تسبّب في تحصيل العلم أَيَّ سبب كان، من مفارقة الأوطان، والضرب في البلدان، والإنفاق فيه، والتعلّم والتعليم، والتصنيف، والْكَدْح فيه، مما لا يُحصى كثرةً، وقال في "المرعاة": "ومن سلك طريقًا" حقيقيّا حسيّا، وهو المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء، أو معنويّا، مثل حفظ العلم، ومدارسته، ومذاكرته، ومطالعته، وكتابته، والتفهّم له، ونحو ذلك من الطرق المعنويّة التي يُتوصّل بها إلى العلم. انتهى (يَلْتَمِسُ) أي يطلب، وهو حال، أو صفة (فِيهِ عِلْمًا) نكّره ليشمل كل نوع من أنواع علوم الدين، قليله، أو كثيره، إذا كان بنيّة القربة، والانتفاع، والنفع (سَهَّلَ الله لَهُ بِهِ) أي بذلك السلوك، أو الطريق، أو الالتماس، أو العلم، والباء سببيّة (طَرِيقًا) أي موصلًا، ومُنْهِيًا (إِلَى الجنَّةِ) أي يسهّل الله له العلم الذي طلبه، وسلك طريقه، وييسره عليه، فإن العلم طريق يوصل إلى الجنة، أو ييسر الله له إذا قصد بطلبه وجه الله تعالى الانتفاع به، والعمل بمقتضاه، فيكون سببًا لهدايته، ولدخول الجنّة بذلك، وقد يُيسّر الله لطالب العلم علومًا أخرى ينتفع بها، وتكون موصلة إلى الجنة، أو يسهّل الله له طريق الجنة الحسيّ يوم القيامة، وهو الصراط، وما قبله، وما بعده من الأهوال، فييسّر ذلك على طالب العلم للانتفاع به.
(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللَّه) عدل عن التعبير بالمساجد ليشمل جميع ما يُبنى لله تقرّبًا إليه، من المساجد، والمدارسَ، والرُّبُط، وقال القرطبيّ: بيوت الله هي