الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، ولا يرد على هذا أنه تعالى قال: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، فإنه أعمّ من أن يكون في الكميّة، أو الكيفيّة (?) (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أي في قبيح يفعله، أو كساه ثوبًا لعُرْيه، وقال الطيبيّ: يجوز أن يراد به الظاهر، وأن يراد به ستر من ارتكب ذنبًا، فلا يفضحه (سَتَرَهُ الله) أي ستر عيوبه، أو عورته (في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) وفي "شرح مسلم": أي ستر بدنه بالإلباس، أو عيوبه بعدم الغيبة له، والذبّ عن معايبه، وهذا الستر إنما يندب على ذوي الهيئات ممن ليس معروفًا بالأذى والفساد، وأما المعروف به، أو المتلبّس بالمعصية، فيجب إنكارها عليه، ورفع أمره إلى ولاة الأمور إن لم يقدر على منعه، ولم يترتّب عليه مفسدة، وأما جرح الرواة والشهود، وأمناء الصدقات، فواجب (?).

(وَمَنْ يَسَّرَ) أي سهّل (عَلَى مُعْسِرٍ) أي الفقير الذي ركبه الدين، وتعسّر عليه قضاؤه، وهو يشمل المؤمن والكافر المعاهد، أي من كان له دينٌ على فقير، فسهّل عليه بترك كلّه، أو بعضه، بإمهاله (يَسَّرَ الله عَلَيْهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) أي في أمورهما؛ جزاء تيسيره على عبده {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] (وَالله في عَوْنِ الْعَبْدِ) الواو للاستئناف، وهو تذييل للكلام السابق.

قال الطيبيّ: تذييل للسابق، لا سيّما على دفع المضرّة عن أخيه المسلم، وعلى جلب النفع له، ولذلك أخرجه من سياق الشرطية، وبنى الخبر على المبتدأ؛ ليقوى به الحكم، وخصّ العبد بالذكر؛ تشريفًا له بنسبة العبدية له، كما شرّف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} الآية [الإسراء: 1]، وكرّره، وقال: "في عون العبد"، ولم يقل: والله يُعينه في كذا، كما قال: {وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، أي إن الله تعالى يوقع العون في العبد، ويجعله مكانًا له؛ مبالغة في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015