6 - (ومنها): تعظيم الملائكة، واحترامهم، وبسط أجنحتهم لطالب العلم، ونقل ابن القيّم عن أحمد بن شعيب، قال: كنا عند بعض المحدّثين بالبصرة، فحدّثنا بهذا الحديث، وفي المجلس شخصٌ من المعتزلة، فجعل يستهزىء بالحديث، فقال: والله لأطرقنّ غدًا نعلي، وأطأ بها أجنحة الملائكة، ففعل، ومشى في النعلين، فحفت رجلاه، ووقعت فيهما الأكلة.
وقال الطبرانيّ: سمعت ابن يحيى الساجيّ يقول: كنا نمشي في أزقّة البصرة إلى باب بعض المحدّثين، فأسرعنا المشي، وكان معنا رجل ماجنٌ متّهم في دينه، فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة، لا تكسروها، كالمستهزىء بالحديث، فما زال عن موضعه حتى حفَت رجلاه، وسقط إلى الأرض. انتهى.
نقلت هاتين الحكايتين من "المرقاة شرح المشكاة" لعلي القاري (?)، ولا أدري صحتهما. والله تعالى أعلم.
7 - (ومنها): بيان فضل العالم على العابد؛ لأن العلم متعدّ، بخلاف العبادة، قال القرطبيّ -رحمه الله-: هذه المفاضلة بين العالم والعابد لا تصحّ حتى يكون كلّ واحد منهما قائمًا بما وجب عليه من العلم والعمل، فإن العابد لو ترك شيئًا من الواجبات، أو عملها على جهل لم يستحقّ اسم العابد ولا تصحّ له عبادة، والعالم لو ترك شيئًا من الواجبات لكان مذمومًا، ولم يستحقّ اسم العالم، فإذًا محلّ التفضيل إنما هو في النوافل، فالعابد يستعمل أزمانه في النوافل من الصلاة، والصوم، والذكر، وغير ذلك، والعالم يستعمل أزمانه في طلب العلم وحفظه، وتقييده، وتعليمه، فهذا هو الذي شبّهه بالبدر؛ لأنه قد كمُل في نفسه، واستضاء به كلّ شيء في العالم، من حيث إن علمه تعدّى لغيره، وليس كذلك العابد، فإن غايته أن ينتفع في نفسه، ولذلك شبهه بالكوكب الذي غايته أن يُظهر