والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه الله-، وهو بيان فضل العلماء، والحثّ على طلب العلم.
2 - (ومنها): ما قاله الطيبي -رحمه الله-: لا تظنّنّ أن العالم المفضّل عاطلٌ عن العمل، ولا العابد عن العلم، بل إنّ علمَ ذلك غالبٌ على عمله، وعمل هذا غالبٌ على علمه، ولذلك جُعل العلماء ورثة الأنبياء الذين فازوا بالحسنيين: العلم والعمل، وحازوا الفضيلتين: الكمال والتكميل، وهذا طريق العارفين بالله تعالى، وسبيل السائرين إلى الله تعالى. انتهى (?).
3 - (ومنها): أن العالم لمّا كان ساعيًا في حصول العلم الذي به نجاة النفوس من أنواع الهلكات، وكان سعيه مقصورًا على هذا، وكانت نجاة العباد على يديه جوزي من جنس عمله، وجُعل من في السماوات والأرض ساعيًا في نجاته من أسباب الهلكات باستغفارهم له.
4 - (ومنها): أن هذا الاستغفار غير استغفار حملة العرش، ومن حوله لعموم المؤمنين الذي ذكره الله تعالى في قوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} الآية [غافر: 7]، فإن ذاك خاص بحملة العرش ومن حوله، عامّ لجميع المؤمنين، وهذا عامّ من جميع من في السماوات ومن في الأرض، خاص بطالب العلم؛ زيادةً على الاستغفار الأول؛ لزيادة فضل العلم، والله تعالى أعلم.
5 - (ومنها): أن فيه إيماء إلى أن طريق الجنة محصورة في طرق العلم؛ لأن الجنة جزاء العمل الصالح وهو لا يُتصوّر ولا يتحقق بدون العلم.