التوربشتيّ: والصواب "أجره"؛ لعود الضمير إلى صاحب الطريقة، أي أجر عمله، هو غير لازم، ولا وجه لتغليط الرواة إذا احتمل الكلام التصحيح بوجهٍ ما، فكيف والتصحيح هاهنا واضح. قاله السنديّ (?) (وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِها) ببناء الفعل للفاعل (لَا يَنْقُصُ) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، من باب نصر، مبنيًّا للفاعل، وضميره لإعطاء مثل العاملين لمن سَنَّ (مِنْ أُجُورهِمْ) أي من أجور العاملين لمن سنّها، وإنما أفرد الضمير في قوله: "عمِلَ بها" رعاية للفظ "مَنْ"، وجمعه هنا رعاية لمعناها (شيْئًا) مفعول به لـ "ينقُص"؛ لأنه هنا متعدّ، وقد سبق أن يتعدّى ويلزم، فمن المتعدّي قوله تعالى: {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41]، وقوله: {غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود:109].

ويحتمل أن يكون لازمًا، فعليه يكون "شيئًا" مفعولأ مطلقًا، أي نقصًا ما.

وإنما لم ينقُص من أجورهم شيئًا لأنه حصل له الأجر باعتبار أنه سنّ العمل، وابتدأه، ودلّ وحثّ الناس عليه، والعاملون حصل لهم باعتبار عملهم، فلم يتواردوا على محلّ واحد حتى يُتوهّم أن حصول أحدهما ينقص الآخر، والأصل الأساسي في ذلك فضل الله -سبحانه وتعالى-، وسعة كرمه، وكثرة رأفته بعباده {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].

(وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً) هي التي تخالف الكتاب والسنة، كما أسلفناه (فَعُمِلَ بِها، كَانَ عَلَيْهِ) أي على الذي ابتدأها (وِزْرُها) أي إثم عمله بها (وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِها مِنْ بَعدهِ) أي بعد عمله، أو بعد موته (لَا ينْقُصُ) إعطاؤه ذلك (مِن أَوزَارِهِم شَيْئًا) سبق آنفًا أنه يحتمل أن يكون مفعولًا به، أو مفعولًا مطلقًا، وقد استوفيت شرح هذا الحديث بسياقه المطوّل الذي سبق في "شرح النسائي"، فراجعه تستفد (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015