النهار، قال: فجاءه قوم حُفَاةٌ عُرَاةٌ، مُجتابي (?) النَّمَار أو العَبَاء، مُتَقَلِّدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتَمَعَّر (?) وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لِمَا رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالًا، فأذن وأقام فصلى (?)، ثم خطب، فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:1] إلى آخر الآية، {إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} والآية التي في الحشَر {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18]، تَصَدَّقَ رجل (?) من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرّه، من صاع تمره -حتى قال: ولو بشِقّ تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بِصُرّة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كَوْمَين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل (?) كأنه مُذْهَبَةٌ (?) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

(فَعُمِلَ) بالبناء للمفعول، والفاء تفصيليّة وتفسيريّة، كما في قوله - عز وجل -: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ} الآية [هود: 45]، أي فعَمِل الناس (بِها) أي بتلك السنّة (كَانَ لَهُ أَجْرُها) أي أجر عملها، والإضافة لأدنى ملابسة، فإن السنّة الحسنة لمّا كانت سببًا في ثبوت أجر عاملها أُضيف الأجر إليها بهذه المناسبة، كذا قال الطيبيّ، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015