(وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ) قال القاري: نفي للجواز تأكيدًا لنفي الوقوع على سبيل التتميم، أي لا يكون، ولا يصحّ، ولا يستقيم، ولا يمكن له النوم؛ لأنه أخو الموت (?).

وقال السنديّ: الكلمة الأولى دالّةٌ على عدم صدور النوم، والثّانية للدلالة على استحالته عليه تعالى، ولا يلزم من عدم الصدور استحالته، فلذلك ذُكرت الكلمة الثّانية بعد الأولى. انتهى (?).

(يَخْفِضُ الْقِسْطَ، وَيَرْفَعُهُ) معنى القسط هنا الميزان، وسُمّي قِسطًا؛ لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل في القسمة، قال: والمراد أن الله تعالى يَخِفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة إليه، ويوزن من أرزاقهم النازلة من عنده، كما يرفع الوزّان يده، ويَخفضها عند الوزن، وهذا تمثيل لما يُقَدِّر تَنْزِيله، فشبه بوزن الميزان، ويحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ} [الرحمن: 29] أي أنه يحكم بين خلقه بميزان العدل، فأمره كأمر الوزّان الّذي يزن، فيخفض يده ويرفعها، وهذا المعنى أنسب بما قبله، كأنه قيل: كيف يجوز عليه النوم، وهو الّذي يتصرّف أبدًا في ملكه بميزان العدل.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وهذا تمثيل إلخ"، غير صحيح؛ لأنه يدلّ على أن الميزان هنا ليس حقيقةً، بل هو مجاز، وهو معنى باطل، مناف لما ثبت في النصوص الصحيحة من إثباته، وكذا قوله: "فأمره كأمر الوزان" فيه نظر لا يخفى، فتنبّه لهذه الدقائق، فإنها من مزالّ الأقدام، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقيل: المراد بالقسط الرزق الذي هو قِسط كلّ مخلوق، أي نصيبه، يخفضه فيُقَتِّره، ويرفعه فيوسعه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015