بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} الآية.

وقد ثبت في "الصحيحين" عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة، وقنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو على الذين قتلوهم ويلعنهم، قال أنس: ونزل فيهم قرآن قرأناه حتّى رُفع: أن بَلِّغوا قومنا أنا قد لَقِينا رَبَّنا وأرضانا.

ثمّ قال تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171] قال محمّد ابن إسحاق استَبْشَرُوا وسُرُّوا لمّا عاينوا من وفاء الموعود وجزيل الثّواب.

وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هذه الآيات جمعت المؤمنين كلهم، سواء الشهداء وغيرهم، وقَلَّما ذكر الله فضلًا ذَكَر به الأنبياءَ، وثوابًا أعطاهم الله إياه إِلَّا ذكر الله ما أعطى المؤمنين من بعدهم. انتهى منقولًا من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى (?)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا حديث حسنٌ.

[فإن قلت]: قال البوصيريّ رحمه الله في "مصباح الزجاجة": هذا إسناد ضعيفٌ، طلحة بن خِرَاش قال فيه الأزديّ: روى عن جابر مناكير، وذكره الذهبيّ في "الميزان"، وموسى بن إبراهيم قال فيه ابن حبّان في "الثقات": يُخطئ.

[أجيب]: بأن طلحة روى عنه ثلاثةٌ، وقال عنه النَّسائيّ: صالحٌ، ووثقه ابن حبّان، وابن عبد البرّ (?)، وقال عنه في "التقريب": صدوقٌ، فلا يؤثّر فيه قول الأزديّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015