عنهما مرفوعًا: "يُغفر للشهيد كلُّ ذنب إِلَّا الدين"، وفي حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قام فيهم، فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قُتِلتُ في سبيل الله تُكَفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ("نعم، إن قُتلتَ في سبيل الله، وأنت صابر محتسب، مُقبِلٌ، غيرُ مدبر، ثمّ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كيف قلت؟ "، قال: أرأيتَ إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ("نعم وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إِلَّا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك". رواه مسلم.
فهذا صريح في كون الشّهادة لا تُكفر حقوق العباد.
والثّالث: قوله: "إذا لم يحصل عروجه إلخ"، ما هو العروج الّذي يعنيه؟، وأي آية، أو أية سنة تدلّ عليه، وأنه إذا حصل للعبد في الدنيا لا يَحبسه شيء بعد موته؟ فيا سبحان الله إن هذا لهو العجب العجاب، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] اللَّهُمَّ اهدينا فيمن هديت، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
(فَقَالَ) -سبحانه وتعالى- (يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ) قال السنديّ رحمه الله: ظاهره عموم المفعول، أي ما شئتَ، كما يُفيده حذف المفعول، والمقامُ، فيُشكل بأن عموم الوعد شمل الإحياء، وهو لا يُخلف المعياد، فكيف ما أحياه؟ ويمكن الجواب بأن خلاف الميعاد المعهود مستثنى من العموم، فإن الغاية من جملة المخصِّصات، كما ذكره أهلُ الأصول. انتهى (?) (قَالَ) أي عبد الله بن عَمرو -رضي الله عنه- (يَا رَبِّ تُحْيِينِي) أي أتمنّى أن تُحييني، قال السنديّ رحمه الله: هذا من وضع الإخبار موضع الإنشاء؛ لإظهار كمال الرغبة، وإلا فالمقام يقتضي أَحْيِني، أي أحيني في الدنيا، وإلا فالشهداء أحياء، وهو حيّ يتكلّم، فكيف يطلُبُ الإحياء؟ وهو تحصيل الحاصل. انتهى (?) (فَأُقْتَلُ) بالبناء للمفعول، قال