بجلاله -عَزَّ وَجَلَّ-، إثباتًا بلا تمثيل، ويُنَزّهون الله تعالى من مشابهة خلقه تَنْزيهًا بلا تعطيل، والله -عَزَّ وَجَلَّ- الهادي إلى سواء السبيل.
(فَيَنْظُرُ مِنْ عَنْ) بمعنى جانب (أَيْمَنَ مِنْهُ) أي من جهة يمينه (فَلَا يَرَى إِلا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أي إِلَّا عمله (ثُمَّ يَنْظُرُ مِنْ عَنْ أَيْسَرَ مِنْهُ) أي من جانب يساره (فَلَا يَرَى إِلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ) أي من الأعمال، قال ابن هُبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل؛ لأن الإنسان من شأنه إذا دَهَمَه أمرٌ أن يلتفت يمينًا وشمالًا، يطلُب الغَوْث. وقال الحافظ: ويحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجّى أن يجد طريقًا يذهب فيها ليحصل له النجاة من النّار، فلا يرى إِلَّا ما يُفضي به إلى النّار، كما بيّنته رواية مُحلّ بن خليفة المذكورة. انتهى (?).
(ثُمَّ يَنْظُرُ أَمَامَهُ، فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ) أي تظهر له، وتواجهه، وفي رواية للبخاريّ من طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش: "وينظر بين يديه، فلا يرى إِلَّا النّار تلقاء وجهه"، قال ابن هُبيرة: والسبب في ذلك أن النّار تكون في ممرّه، فلا يُمكنه أن يَحِيد عنها؛ إذ لا بُدِّ له من المرور على الصراط (فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمرةٍ) "شِقُّ التّمرة" بكسر الشين: نصفها وجانبها (?)، أي من استطاع أن يجعل بينه وبين النّار وِقَايةً من الصَّدقة، وعمل البرّ، ولو بشيء يسير (فَلْيَفْعَلْ) زاد في رواية محُلّ بن خليفة السابقة: "فإن لم يجد فبكلمة طيبة". وفي رواية لمسلم (1016) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النارَ، فأعرض وأشاح، ثمّ قال: "اتقوا النّار"، ثمّ أعرض وأشاح، حتّى ظننا أنه كأنما ينظر إليها، ثمّ قال: "اتقوا النّار، ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة"، وفي لفظ: أنه ذكر النّار، فتعوذ منها، وأشاح بوجهه ثلاث مرار، ثمّ قال: "اتقوا النّار ... " الحديث.
ومعنى "أشاح": أعرض، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو