(عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) زاد مسلم "يعني العصر والفجر"، وفي رواية لابن مرويه: "قبل طلوع الشّمس صلاة الصُّبح، وقبل غروبها صلاة العصر".
فيه إشارة إلى قطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة كالنوم والشغل ومقاومة ذلك بالاستعداد له (فَافْعَلُوا) أي عدمَ الغلبة، وهو كناية عمّا ذُكر من الاستعداد، ووقع في رواية في "الصّحيح" بلفظ: "فلا تغفلوا عن صلاة ... " الحديث.
وقال الخطابيّ: هذا يدلُّ على أن الرؤية قد يُرجى نَيْلُها بالمحافظة على هاتين الصلاتين انتهى، وقد يُستشهد لذلك بما أخرجه الترمذيّ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: قال: "إن أدنى أهل الجنّة منزلة ... " فذكر الحديث، وفيه: "وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيّة"، وقي سنده ضعف. قاله في "الفتح" (?).
(ثُمَّ قَرَأَ) لم يُبيّن فاعل "قرأ" في جميع الروايات، لكن في "صحيح مسلم" عن زهير بن حرب، عن مروان بن معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد بسند الباب: "ثمّ قرأ جرير"، أي الصحابيّ، وكذا أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق يعلى بن عُبيد، عن إسماعيل، وكذا هو عند أبي نعيم في "مستخرجه أن جريرًا قرأه"، فتبيّن بهذا أن القارىء هو جرير الصحابيّ -رضي الله عنه-، فما قاله الحافظ في "الفتح": والظاهر أنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لكن لم أر ذلك صريحًا تعقّبه العينيّ بأنه تخمين وحسبان، وقد أجاد في تعقّبه، ومن الغريب أن الحافظ ذكر بعد هذا نصّ ما وقع عند مسلم وأبي عوانة، وسكت عليه، سبحان من لا يضلّ ولا ينسى.
({وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]) أي قرأ هذه الآية تصديقًا للحديث، وإشارة إلى أما نزلت في ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.