خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع، فاخلُفني في أهلي وأهلك، أما ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"، تأوّل قول الله سبحانه وتعالى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي في قَوْمِي} [الأعراف: 142] (?).
(أَلَا) بفتح الهمزة، وتخفيف اللام: أداة استفتاح وتنبيه، وفي نسخة: "أما"، وهي بمعناها (تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) قال في "الفتح": أي نازلًا مني منزلة هارون من موسى، والباء زائدة. وفي رواية سعيد بن المسيّب، عن سعد: "فقال عليّ: رضيت، رضيتُ"، أخرجه أحمد، ولابن سعد من حديث البراء، وزيد بن أرقم في نحو هذه القصة، قال: "بلى يا رسول الله، قال: فإنه كذلك"، وفي أول حديثهما أنه عليه الصلاة والسلام قال لعلي: "لابد أن أُقيم أو تقيم، فأقام علي، فسمع ناسا يقولون: إنما خلّفه لشيء كرهه منه، فاتبعه، فذكر له ذلك، فقال له ... " الحديث، وإسناده قوي.
وقال السنديّ: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا ترضى أن تكون منّي إلخ" قاله -صلى الله عليه وسلم- حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك، فقال: علي: تُخلّفني في النساء والصبيان؟ كأنه استنقص تركه وراءه، فقال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"، يعني حين استخلفه عند توجّهه إلى الطور، إذ قال له: {اخْلُفْنِي في قَوْمِي وَأَصْلِحْ} الآية، أي ألا ترضى بأني أنزلتك مني في منزل كان ذلك المنزل لهارون من موسى، وليس في هذا الحديث تعرّض لكونه خليفة له -صلى الله عليه وسلم- بعده، وكيف وهارون عليه السلام ما كان خليفة لموسى بعد موت موسى عليه السلام (?).
[تنبيه]: زاد في الرواية الآتية برقم (121) من طريق عبد الرحمن بن سابط، عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه-، وهي أيضًا رواية للشيخين قوله: "إلا أنه لا نبيّ بعدي".
قال القرطبيّ رحمه الله: إنما قاله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تحذيرًا مما وقعت فيه طائفة من غُلاة