الدعوة، ومناقبه جمّة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) الزهريّ، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ) سعد -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ لِعِليٍّ) بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهذا القول قاله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مخرجه إلى غزوة تبوك، فقد أخرج البخاريّ رحمه الله في "صحيحه" من طريق الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى تبوك، واستخلف عليا، فقال: أتُخَلِّفُني في الصبيان والنساء، قال: "ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي". وأخرج الحاكم في "الإكليل" من مرسل عطاء بن أبي رباح: فقال: "يا عليّ اخلُفني في أهلي، واضرب، وخذ، وعِظْ"، ثم دعا نساءه، فقال: "اسمعن لعليّ، وأطعن" (?).
وأخرج النسائيّ في "السنن الكبرى" بسند صحيح، من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص قال: لمّا غزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة تبوك خَلّف عليا بالمدينة، فقالوا فيه: مَلَّه، وكره صحبته، فتبع عليّ النبي صلى الله عليه وسلم حتى لَحِقه بالطريق، فقال: يا رسول الله خَلّفتني بالمدينة مع الذراري والنساء، حتى قالوا: مَلّه، وكَرِه صحبته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا علي إنما خَلّفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي" (?).
وقال التوربشتيّ: كان هذا القول من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مخرجه إلى غزوة تبوك، وقد خلّف عليّا -رضي الله عنه- على أهله، وأمره بالإقامة فيه، فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالًا له، وتخففًا منه، فلما سمع به عليّ -رضي الله عنه- أخذ سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو نازلٌ بالْجُرُف، فقال: يا رسول الله زعم المنافقون كذا، فقال: "كذبوا إنما