الرافضة، فإنهم قالوا: إن عليّا نبيّ يوحَى إليه، وقد تناهى بعضهم في الغلوّ إلى أن صار في عليّ إلى ما صارت إليه النصارى في المسيح، فقالوا: إنه الإله، وقد حرّق عليّ -رضي الله عنه- من قال ذلك، فافتتن بذلك جماعة منهم، وزادهم ضلالًا، وقالوا: الآن تحقّقنا أنه الله؛ لأنه لا يعذّب بالنار إلا الله، وهذه كلها أقوال عوامَّ جُهّال، سُخفاء العقول، لا يُبالي أحدهم بما يقول، فلا ينفع معهم البرهان، لكن السيف والسنان. انتهى (?).

وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: في قوله: "إلا أنه لا نبيّ بعدي" دليل على أن عيسى عليه السلام إذا نزل ينزل حكمًا من حُكّام هذه الأمة، يدعو بشريعة نبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينزل نبيّا. انتهى (?).

وقال القاري بعد ذكر كلام النوويّ هذا: أقول: لا منافاة بين أن يكون نبيّا ويكون متابعًا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- في بيان أحكام شريعته، وإتقان طريقته، ولو بالوحي إليه، كما يُشير إليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كان موسى حيّا لمَا وسعه إلا اتّباعي" (?)، أي مع وصف النبوة والرسالة، وإلا فمع سلبهما لا يفيد زيادة المزيّة، فالمعنى أنه لا يحدُثُ بعده نبيّ؛ لأنه خاتم النبيين السابقين، وفيه إيماء إلى أنه لو كان بعد نبيّ لكان عليّا، وهو لا ينافي ما ورد في حقّ عمر -رضي الله عنه- صريحًا (?)؛ لأن الحكم فَرْضيّ وتقديريّ، فكأنه قال: لو تُصُوّر بعدي نبيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015