عليه، وتلا الآية للاستشهاد على أن التيسير منه تعالى. انتهى (?).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَا) أي لا تتكلوا (اعْمَلُوا) وقوله: (وَلَا تَتَكلُوا) تأكيد لـ "لا" (فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لمِا خُلِقَ لَهُ) أي مهيّأٌ، ومصروف إليه.

وزاد في رواية البخاريّ: "أما من كان من أهل السعادة، فيُيَسَّر لعمل السعادة ... " الحديث، وفي رواية: قال: "أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ... " الحديث.

وحاصل السؤال: ألا نترك مشقة العمل، فإنا سنصير إلى ما قُدّر علينا.

وحاصل الجواب: لا مشقة؛ لأن كل أحد ميسر لما خُلق له، وهو يسير على من يسره الله سبحانه وتعالى.

قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: حاصل هذا السؤال أنه إذا وجبت السعادة والشقاوة بالقضاء الأزليّ، والقدر الإلهيّ، فلا فائدة للتكليف، ولا حاجة بنا إلى العمل، فنتركه، وهذه أعظم شُبَه النافين للقدَر، وقد أجابهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بما لا يَبْقَى معه إشكال، فقال: "اعملوا، فكلّ ميسّر لما خُلق له"، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} الآيات [الليل: 5 - 6]. ووجه الانفصال أن الله تعالى أمرنا بالعمل، فلا بُدّ من امتثال أمره، وغَيّب عنا المقادير لقيام حجته وزجره، ونصب الأعمال علامة على ما سبق في مشيئته، وحكمته، وعزّه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} لا يبقى معها لقائل مقول، وقهر {وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] يضع له المتكبّرون، قال: ومورد التكليف فعل الأخيار، وذلك ليس مناقضًا لما سَبَقت به الأقدار. انتهى (?).

وقال الطيبي رحمه الله: الجواب من الأسلوب الحكيم، منعهم -صلى الله عليه وسلم- عن الاتكال، وترك العمل، وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من امتثال أمر مولاه، وهو عبوديته عاجلًا، وتفويض الأمر إليه آجلًا، يعني أنتم عبيد، ولا بُدّ لكم من العبوديّة، فعليكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015