الحديث نحو خمسين سنة، سمع منه الأئمة والحفاظ وغيرهم.
صحبتُه وترددتُ إليه من سنة سبعين وسبعمائة، أسمع عليه الحديث، فلم أترك شيئاً من مسموعاته فيما علمت إلا قرأته أو سمعته عليه، وقرأتُ عليه أيضاً كثيراً من مروياته بالإجازة، وانتقيت عليه أحاديث من المعجم الكبير للطبراني فقرأتها عليه.
وكان أولاً عسراً في الإسماع، ثم إنه صار متصدياً للإسماع ليلاً ونهاراً، لا يردُّ من يقصده للسماع في وقت من الأوقات، ومتِّع بسمعه وبصره وعقله إلى أن توفي.
أخذت عنه المسند كاملاً بقراءتي وقراءة غيري في نحو سبع سنين، وسببه أن نسخةَ أصل سماعه كانت بخط الحافظ الضياء رحمه الله تعالى، فوُجد بعضها، وكان شيخنا الحافظ الكبير شمس الدين أبو بكر بن المحب يحرّضنا على سماع المسند منه، ويقول: لا تشكُّوا في أنه سمعه كاملاً على ابن البخاري، فبادروا إلى سماعه كاملاً، فكنا نقرؤه من نسخة وقف الباذرائية، لوضوحها، وكان بعضُ المحدثين قد احتاط عليها، ولا يعطي منها شيئاً إلا بعد تعب كثير، فطالت المدة لذلك.
وسمعه أيضاً كاملاً الشيخ صدر الدين سليمان الياسوفي، والشيخ بدر الدين محمد بن مكتوم، والشيخ شهاب الدين أحمد بن شيخنا عماد الدين ابن الحسباني، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ علاء حجي، والمحدث شمس الدين محمد بن محمود بن إسحق الحلبي، والشيخ الإمام ناصر الدين محمد بن عشائر الحلبي، والشيخ جمال الدين محمد بن ظهيرة المكي، وصاحبنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون البلوي الأندلسي، والفقيه الفاضل شمس الدين محمد بن عثمان بن سعد بن السقّا المالكي وغيرهم. وسمع بعضه عليه جماعة كثيرون.