ولم يظهر سماعه بالمجلد الثاني من مسند أبي هريرة، ولا بمسند عبد الله ابن عمرو بن العاص، وفي آخره مسند أبي رمثة نحو ثلاثة أوراق. ولا بمسند الكوفيين، ومسند ابن مسعود، ومسند ابن عمر، ومسند الشاميين، ومسند المكيين، والمدنيين، لعدم وقوفنا على ذلك من نسخة الحافظ الضياء، فكنا نقرأ عليه ذلك إجازة، إن لم يكن سماعاً.
فظهر قبل موته مجلدان من ذلك بخط الحافظ الضياء، وفيهما أصل سماعه فقال لنا الحافظ ابنُ المحبّ: ألم أقل لكم إنه سمع جميعَ المسند؟!.
ثم بعد وفاة الشيخ صلاح الدين ظهر تتمة المسند بخط الحافظ الضياء، وظهر سماعه، فسرّ طلبة الحديث بذلك، فقلنا لشيخنا الحافظ أبي بكر بن المحب: هل في الإخبار نقول "إجازةً إن لم يكن سماعا ثم ظهر سماعه"؟ فقال: لا يحتاج، هكذا وقع في سنن ابن ماجة لأبي زرعة طاهر بن الحافظ أبي طاهر محمد المقدسي، فأفتى المعتبرون من الحافظ أنه لا يحتاج.
ومن العجب أن مثل هذا الشيخ يروي مثل المسند الجليل، الذي لم يكن على وجه الأرض حديث أعلى منه، ولم يكن في همة حكام الزمان ولا رؤسائهم أن يجمعوا على إسماعه جماعةً من الشباب والصبيان والصغار، لينتفع الناس به كما انتفع من قبلهم بمن مضى، حتى وصل إلينا بهذا العلو، ولكن قصرتِ الهمم، وتغيرت الأحوال، وقرب الزمان، فلذلك لا أعلم بوجه الأرض من يروي هذا المسندَ العظيم، عن هذا الشيخ الجليل غيري، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وإني إن سموت ببعض علم ... وإن قالوا: فلان حاز فضلاَ
وإن علَّيتُ إسناداً فقولوا: ... لعمر أبيك ما نسب المعلَّى