عرَضًا كالصُّوَرِ الصِّناعيَّةِ صورةِ الخاتمِ والدِّرهمِ والسَّريرِ ونحوِ ذلكَ، فإنَّ كُلَّ واحدٍ مِنَ المادَّةِ والصُّورةِ هناكَ هوَ شخصٌ معيَّنٌ، والمادّةُ للصورة الصِّناعيةِ حَقٌّ، لكِن أصلُهُ أنَّ الصُّورةَ عَرَضٌ قائمٌ بجِسمٍ، وأمّا المادّةُ التي يُثبتونَها للجِسمِ المعيَّنِ فهيَ مِنْ بابِ الخيال، كما أنَّ الماهيّةَ التي يثبتونَها للأشخاص، ويُسمُّونَها المادّةَ هيَ أيضًا مِنْ بابِ الخيال، فالمادّةُ هنا هيَ الأشخاصُ المعيَّنةُ، وهيَ ثابتةٌ، لكِنْ ليسَ لها حقيقةٌ مطلَقةٌ غيرُ هذهِ الأعيانِ المشخَّصة، وصُوَرُ الأجسامِ حقٌّ موجودةٌ لكِنْ ليسَ لها مادّةٌ غيرُ الصُّورةِ تعتقبُ عليها الصُّورةُ، بَلْ ما يُقدِّرونَهُ يتعاقب عليهِ الاتِّصالُ والانفصالُ المعيَّنُ، وهوَ نفسُ الجِسمِ لا غيرهُ، والاتِّصالُ والانفصالُ عَرَضٌ تخيَّلَهُ، وهوَ الاجتماعُ والافتراقُ، وتقديرُ تفرُّقِ غيرِ الصُّورةِ هوَ للمِقدارِ والبُعدِ المطلَق، وذلكَ وجودُهُ في الأذهانِ لا في الأعيانِ.

الوجهُ الرّابعُ: أنَّ ما يقولونَ في هذا البابِ في المنطقِ والطَّبيعيّاتِ والهيئاتِ وغيرِ ذلكَ مِنْ لفظِ العِلّةِ والمعلول، ولفظِ الذّاتِ والماهيّة، بَل ولفظِ الوجود، فيهِ إجمالٌ واشتباهٌ واشتراك.

وأكثرُ اختلافِ العقلاء مِنْ جهةِ اشتراكِ الأسماء، فإنَّهم يثبتونَ كلامَهم على أصلينِ؛ أحدُهما: إثباتُ شيئين، والثّاني: كونُ أحدِهما علّةَ الآخرِ؛ كزعمِهم أنَّهُ إذا قُدِّرَ واجبانِ لزمَ أنْ يكونَ كُلٌّ منهُما ممّا بهِ الاشتراكُ، وهوَ وجوبُ الوجودِ مثلًا، وممّا بهِ الافتراقُ، وهوَ ما لكُلٍّ منهُما مِنَ الماهيّة، ثمَّ كُلٌّ منهُما إنْ كانَ لازمًا للآخرِ كانَ معلولًا لهُ، فيكونُ إمّا أنَّ وجوبَ الوجودِ معلول لغيرِه، وإمَّا أنْ تكونَ العِلّة الواحدةُ لها معلولانِ مختلفان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015